قسمي عمرك معي ...
قسم عمرك معي ...
وما قيمة عمر غايته مائة عام ؛ إذا كان خمس عشرة سنة منها جهل ولهو قبل سن التكليف وثلاثون بعد السبعين
– إن حصلت – فبين ضعف ومرض , وما بينهما فرح ساعة وتنغيص أيام , وسرور يوم وغموم سنين , فما بين كدح على معاش , ومقاساة فقر , وضيق بعقوق ولد , أو نشوز زوج , وفراق أحبة , وموت قريب , حتى إذا جاوزت الثمانين من عمرك تتابعت عليك الآلام التي وصفها الشاعر :
مع الثمانين عاش الضَّعف في جسدي
وساءني ضعف رٍجلي واضطراب يدي
إذا كتبت فخطي خــط مضـــــــطرب
كخـــط مرتــــــعش الكفــــــــين مرتـــعـــد
فأعجب لضعف يدي عن حملـهـــا قلمــا
من بعد حطـــم القنـــــــا في جبهة الأســد
وإن مشيت وفي كفي العصا ثقلت
رجلي كأني أخوض الوحـــــل في الجــلد
فقُــــل لمن يتمنى طـــــول مدتـــــــه
هذى عواقب طــــول العمر و الأمـــــــد
بل حتى الفارس المغوار الذي لا يشق له غبار أسامة بن منقذ بعد أن بلغ من العمر التسعين انبرى ينشد :
فإذا نهضت حسبتُ أني حاملٌ
جبلاً وأمشي إن مشيت مقيداً
وأدبٌّ في كف العصا وعهدتُّها
في الحرب تحمل أسمرا ومُهندا
وأبيت في لين المهاد مسهّــَدا
قلقا كأني ما افترشتُ الجلمدا
والمرء يُنكس في الحياة وبينما
بلغ الكمال وتمَّ عاد كما بدا
وبعد كل ما سمعت عن اضمحلال النعيم الدنيوي وتدهور العافية البشرية وذبول العمر المحدود .. أفلا يُباع هذا الحقير الفاني في سبيل شري الرائع الدائم في الجنة ؟! أفلا يُشترى ذلك الرائع الدائم بهذا الحقير الفاني ؟! إن الإعراض عن الشروع في مثل هذه الصفقة غبن فاحش وخلل فظيع في التصور والعقل فضلاً عن الإيمان .
(منقوووووووووول)