بلاد العرب أوطاني
د. وليد قصاب
بَدَأْتُ الشَّدْوَ مِنْ صِغَرِي
أَنَا وَجَمِيعُ خِلاَّنِي
شَدَوْنَا مِنْ جَوَارِحِنَا
وَمِنْ أَعْمَاقِ وِجْدَانِ
بِلادُ العُرْبِ أَوْطَانِي
جَمِيعُ النَّاسِ فِي الإسْلامِ إخْوَاني
وَلا أحدٌ يُفرِّقُنَا ولا نسَبٌ يُباعِدُنا
لِسانُ الضَّادِ يجمَعُنا
بغَسَّانٍ وعَدْنانِ
وَلاَ يَزْهُو هُنَا أَحَدٌ علَى أحَدٍ
بِأَمْوالٍ وأَلْوانِ
بلادُ العُرْبِ مِنْ شَامٍ إِلَى يَمَنٍ
إِلَى مِصْرٍ فتطْوَانِ
إِلَى لِيبيَا، إِلَى عَدَنٍ
إِلَى قَطَرٍ ووَهْرَانِ
إِلَى نَجْدٍ إِلَى حلَبٍ
إِلَى فَاسٍ وسُودانِ
هِيَ الأَرْضُ الَّتِي حَضَنَتْ
أبِي وأَبَاكَ
مُنذُ تَقادُمِ الزَّمَنِ
هِيَ الأمُّ الَّتِي ضَمَّتْهُمُ دَوْمًا
عَلَى حُبٍّ وتَحْنَانِ
وقد عُلِّمْتُ مِنْ صِغَرِي
أنَا وجَمِيعُ إخْوانِي
بأَنَّ الأَرْضَ ما ضَمَّتْهُ
من شَمْسٍ، وَمِن قَمَرٍ
ومِن ماءٍ، ومِن لَبَنٍ
وَمِنْ نِفْطٍ ومِن عسَلٍ
وفاكِهَةٍ ورُمَّانِ
هِيَ الأمُّ التي أَعْطَتْ
ولم تَبخَلْ على وَلَدٍ ولا بِنْتٍ
ولا قَاصٍ، ولا دَانِ
وأنَّ السَّهْمَ نَرْمِيهِ
إذَا نَرمِي
بصَدْرِ الغادِرِ الجَانِي
بصَدْرِ يَهُودَ إِذْ غَصَبُوا
فِلَسْطِينِي وتَارِيخِي
وقُدْسِي الشَّامِخَ العَانِي
ودارَتْ بَعْدَها الأيَّامُ دَوْرَتها
تَغيَّرَ نَبعِيَ الصَّافِي
وماتَ قَدِيمُ ألحانِي
فمَا أحدٌ هُنا يَشْدُو:
بِلادُ العُرْبِ أَوْطَانِي
ولا أحدٌ هُنا يَشدُو:
جَمِيعُ النَّاسِ في الإِسْلامِ إخْوانِي
وصارَ السَّهْمُ نَرمِيهِ
إِذَا نَرمِيهِ
في صَدْرٍ لأَعْمامِي، وأَخْوالِي، وجِيرَانِي
تُرَى مَنْ يُضرِمُ النِّيرانَ
فِي أرضِي، وفِي دِينِي، وقُرْآنِي؟
تُرَى مَنْ غيَّرَ التَّارِيخَ؟
لاَ أَرضِي التي قَدْ كُنتُ أَعرِفُها
وَلاَ دارِي التي قد كُنتُ أسْكُنُها
ولا لُغَتِي التي قد كُنتُ أسمَعُها
وَلا الأَلْوانُ أَلْوانِي
تُرَى مَن زوَّر التَّارِيخَ؟
ألْفَ عَقِيدةٍ صِرْنَا
وألفَ دُوَيلةٍ بِتْنَا
تَشتَّتَ ذَلِكَ الشَّمْلُ
تَفرَّق فِي الدُّنَا الأحْبَابُ وَالآلُ
يُرِيدُ يَزُورُنِي عمِّي
يُرِيدُ يَزُورُنِي الخَالُ
فألفَ وَثِيقةٍ طَلَبُوا
وألفَ وَثيقةٍ رَفَضُوا
وصكُّوا دُونَهم بَابِي
وما أَجْدَتْ لنا حِيَلٌ
ويَأتِي مِن بني صِهْيَوْنَ
سَفَّاحٌ وقَتَّالُ
وجزَّارٌ ومُحتَالُ
وغاصِبُ أَرضِيَ الأَفَّاكُ يَخْتالُ
فيَلْقَاهُ سَراةُ القَوْمِ.. يَا خَجَلِي!
بِأَحْضَانٍ وأَحْضَانِ
تُزَيِّنُ دَرْبَهُ الأزْهَارُ
يزرَعُ ألفَ بُستَانِ
يَجُوسُ خِلالَ مَزرَعتِي
ويَدخُل غُرفةَ الأَسْرَارِ
فِي جَهْرٍ وَإِعْلانِ
يَقُولُ الشَّامِتُون بِنَا:
لَقَدْ تُلِيَتْ ببَعْضِ الدَّارِ
تَوْرَاةٌ لِصِهْيَوْنٍ
وقَدْ خَفقَتْ ببَعْضِ الدَّارِ
رَايَاتٌ لـ(بِيرِيزٍ) و(شَارُونَ)
وإسْرَائِيلُ قَدْ صارَتْ
بَدِيلاً عَنْ فِلَسْطِينَ
فَهَلْ ما زَالَ شَدْوُ اليَوْمِ
شَدْوَكَ ذَلِكَ الحِينَ
فقُلْتُ: أَجَلْ
أَنَا مَا زِلتُ حتَّى اليَوْمِ
أَشْدُو عَذْبَ قافِيَتِي
ومَا أُنسِيتُ أُغنِيَتِي
ولا ضَيَّعتُ عُنوَانِي
بِلادُ العُرْبِ أَوْطَانِي
جَمِيعُ النَّاسِ فِي الإِسْلاَمِ إِخْوَانِي
غَدًا يَهوي جِدارُ الوَهْمِ
يسْقطُ أَلْفُ خَوَّانِ
ويَرجِعُ جِيلُ أبنائِي وأَحْفادِي
ويُنْشِدُ عَذْبَ أَلْحَانِ
بِلادُ العُرْبِ أَوْطَانِي